متى يصمت الأخصائي الاجتماعي؟
الصمت هو التوقف عن الكلام بين رسالتين لفظيتين (بمعنى التوقف بين الكلام كفترة تسمى صمت) ولكن ذلك لا يعني توقف الاتصال، لأن الاتصال لازال مستمرا على مستوى غير لفظي. ويفهم أن الصمت قد يكون شكل من أشكال المناقشة، فالصمت يعتبر رسالة عميقة، ومن هذا المنطلق نجد أن للأخصائي مواقف أو لحظات يمكن أن يتلزم فيها بالسكوت، ومنها عند تحدث العميل باسترسال في مشكلته، حيث يجب على الاخصائي الصمت وعدم المقاطعة الا اذا خرج العميل عن سياق الحوار الأساسي، وهذا يعطي الاخصائي فرصة للتعرف على مشكلة العميل بشكل أعمق وأدق فالمقاطعة قد تفسد على الاخصائي فرصة كبيرة للوصول إلى معلومات كثيرة قد تفيده في تشخيص مشكلة العميل، وكذلك عند صمت العميل لتذكر موقف ما اثناء حديثه، فيتطلب من الاخصائي الصمت لإعطاء مساحه لمساعدته على التفكير والتذكر لاستكمال حواره، فأي مداخله للأخصائي في هذه اللحظة قد تشتت العميل وتربكه، فصمت الاخصائي أفضل في هذه الحالة، وكذلك عندما يبدأ العميل بالبكاء، فهذه اللحظة من أهم اللحظات التي يتطلب أن يسكت فيها الاخصائي، ليساعد العميل على التنفيس والتعبير عن مشاعره المكبوتة التي اوصلته للحظة البكاء المؤلمة.
ومن ذلك أيضا سكوت الاخصائي اثناء صمت العميل في مقابلة الارشادية، حيث يسعى الأخصائي من خلال هذا السكوت إلى التعرف على مشاعر العميل المرتبطة بالموقف الذي صمت عنده، فقد يكون تذكر موقف مؤلم أو شخص كان له أثر بالغ في حياته كأب أو أم أو زوجه، أو قد يكون ذكرى ألم أو حزن أو فرح أو انفعال.. الخ، ولكن الشيء الأكيد في كل الأحوال أن الصمت يوصل دائما رسالة، ينبغي على الأخصائي استثمارها ولن يكون ذلك إلا بصمت الاخصائي نفسه في لحظات صمت العميل، بالإضافة إلى كون هذا الصمت من قبل الاخصائي يشكل نوع من الاحترام والتقدير لمشاعر العميل لحظة صمته.
ومن المواقف الأخرى التي يتطلب من الاخصائي السكوت هي عندها عند الانتقال من موضوع سابق إلى موضوع جديد أثناء المقابلة، ويقصد بذلك عندما يستفيض الاخصائي في سؤال العميل عن وضعه الاسري مثلاً ويتحصل على المعلومات المطلوبة، ويريد الانتقال إلى الوضع الاقتصادي مثلاً أو الجانب النفسي، يتطلب منه السكوت للحظات من ثانيتين إلى خمس ثواني وفي ذلك تهيئة للعميل للتغيير الموضوع وإيذاناً بإغلاق الموضوع السابق.
✋ علي محمد الزهراني
أخصائي اجتماعي أول
AR